Tuesday 26 October 2010

على هامش مذكرات الشهيد أيمن شوربجي
بعد أكثر من ثلاثين عاما على وقوع أحداث الاغتيالات والمواجهه المسلحه بين تنظيم الشيخ مروان حديد رحمه الله المسمى الطليعه المقاتله للاخوان المسلمين في سوريه وبين النظام النصيري الحاقد المجرم بقيادة حافظ أسد ، نقرأ اليوم رواية صحيحة وموثقه كتبها الشهيد أيمن الشوربجي قبل وفاته عام 1987 على أرجح الروايات ، شرح وفصّل فيها دقائق ومجريات الامور التى سبقت ومهّدت لتلك الاحداث الكبيره والمواجهه التاريخيه بين النظام السوري وشريحه كبيره جدا من أبناء سوريه من أهل السنّه والجماعه اللذين كانوا وما زالوا يحسون الظلم والتهميش والتمييز العنصري الطائفي البغيض منذ وصول حافظ أسد الى سدة الحكم إثر إنقلاب عسكري عاما 1970.
وهنا لا بد من القول أنّ للتاريخ والمؤرخين الحق الكامل في أن يقولوا كلمتهم ، فقد وقعت الاحداث وإنتهت وسقط الاف الشهداء والمفقودين الذين غيبتهم زنازين السجون الرهيبه التى زج فيها المجرم حافظ أسد خيرة أبناء سوريه وبناتها ليلاقوا مصيرهم في مجازر لم تشهد الانسانية مثيلا لها ، كما حصل في مجزرة سجن تدمر الشهيره عام 1980.
وبغض النظر عما اذا كانت النظريه او الجدليه القائله بأن تنظيم الطليعه إختار ذلك النهج بعيدا عن رأي الاخوان الذين يفضلون العمل السلمي والذين كان لهم مشاركات في برلمانات سوريه كلها في الخمسينات وأوائل الستينات قبل أن يصل – طاعون – البعث الى السلطه ، بغضّ النظر عن صحة تلك الجدليه أو عدم صحتها ، فإنه يحق لنا اليوم بعد أكثر من ثلاثين عاما أن نفكر ونسأل هل كانت تلك المواجهه صحيحه أم خاطئه ؟؟؟
في رأيي البسيط أنها كانت صحيحه مائه بالمائه لماذا ؟ لأن ما نراه اليوم من تغوّل النظام المجرم وبطشه وجبروته على الناس وتخاذله وجبنه أمام العدو ، وما جرّ اليه البلاد الى تحالف آثم مع الصفويين الفرس لتغيير النسيج الاجتماعي والديني للبلد ، وما مارسه في لبنان من قتل ونهب منظم وتصفيات لكل من يخالفه ، وما فعله مع النظام العراقي السابق حيث وقف الى جانب إيران الفارسيه التى تستبيح كل شيء اليوم في العراق ،بينما كان النظام السابق بكل ما فيه من أخطاء ، كان يمثل سدا منيعا في وجه إيران وأطماعها الصفراء ، كل هذا الحصاد المرّ الذي رأيناه ونراه كل يوم من عهد حافظ الاسد الى توريث ابنائه للارض والوطن بكل ما فيهما من بشر ودواب وثروات ، بحيث أصبحت سوريه كلها لا تعدو أن تكون مزرعة صغيرة لمالك إقطاعي واحد هو عائلة الاسد ومخلوف ، وليمت الناس جوعا وفقرا فليس هناك أي مشكله طالما أن تلك العائله ومن يلوذ بها في خير وأمان .
كان الشيء الطبيعي جدا والمنطقي جدا أن يكون بين أبناء الشعب السوري ألف أيمن شربجي وألف مروان حديد وألف حسني عابوا والف عدنان عقله ، وملايين من الثائرين الذين لا يقبلون الدنية في دينهم والذين ترخص الارواح عندهم في سبيل الله والدين والاخلاق والقيم التى ورثوها عن آبائهم وأجدادهم ودينهم ، كان الشيئ المنطقي جدا أن تنطلق تلك المواجهه لان أولئك الابطال عرفوا تماما أي درب وأي مصير يقودنا اليه المجرم الهالك حافظ اسد ، والشيء غير الطبيعي وغير المنطقي أن يستلم المجرم حافظ وأبناءه هذا البلد لقمة سائغه من غير أن تطلق طلقة واحده على رؤوسهم العفنه .
لذلك فلن نقول عنهم الا أنهم الابطال الذين روّوا أرض سوريه الكريمه بدمائهم الغاليه ، ولن نقول عنهم الا ما قال الشاعر :
أولئك أجدادي فجئني بمثلهم اذا جمعتنا يا جرير المجامع
سنظل نفتخر بما فعلوه ضد المجرمين النصيريين العلويين ، سنظل نوافق على كل ما فعلوه في هؤلاء الذين أوصلونا الى مانحن فيه من ذل وهوان وفقر وخوف وجوع ومرض : سوريه الدولة الغنيه ، البلد الزراعي والصناعي المتنوع الموارد ، يتحوّل الى دولة متسولين ، من جهه ومنتجي مخدرات من جهه أخرى ، يتحوّل الى إمبراطورية رامي مخلوف بينما يئن الناس من الجوع والفقر في المدن العشوائيه المحيطه بدمشق التى تلاحقها جرافات الزرافه بشار الاسد ، سوريه الخيرات والبركات والشعب المكتفي ذاتيا تتحول الى بلاد متخلفه تسبقها كل دول العالم في كل المجالات ، اللهم الا في الفساد والرقص والنوادي والليليه والخمارات فهي سبّاقة ومتقدمة على الجميع ، سوريه البلد النفطي والزراعي أكثر من نصف أهلها تحت خط الفقر بينما يمتع عدد قليل من كلاب السلطة الباغيه بكل خيراتها وثرواتها .
ألا بوركت أيديكم أيها الابطال يا من سقيتم العلوج النصيريين من تلك الكؤوس المترعه، كؤوس الموت الزؤام جزاء على ما فعلوه ببلادنا ، ألا بوركت تلك الامهات اللواتي أنجبنكم ، ألا بورك هذا الشعب الذي ما فتئ يمدّ السجون البعثيه بالاف والاف من المناضلين الاحرار من أمثال الشيخ الحقوقي الهصور هيثم المالح ، وتللك الصبية اليافعه التى دوّخت كلاب النظام بقلمها الغضّ الطري ، ألا بوركت أمة الاسلام السنّي التى وقفت للقرامطه وتصدّت لكل شذاذ الافاق الذين جاءوا على مرّ التاريخ ثم ذهبوا وإندثروا وبقيت الامة نقيّة تقيّة مسلمة أبية لا يضرّها من خالفها الى أن يرث الله الارض ومن عليها .
علي الاحمد

No comments: