نصب تذكاري يخلد مروه الشربيني .... اين شهداء تدمر
أعلن أمس عن قيام فنانين ألمنيان بنحت نصب تذكاري يخلّد الشهيده المصريه مروه الشربيني التى سقطت غدرا على يد متطرف نازي ألماني العام الماضي ، وقال وزير العدل الالماني أن هذه اللفته ستكون عباره عن إشارة وفاء من الحكومه الالمانيه تجاه تلك الجريمه التى هزّت الضمير العالمي لبشاعتها وقسوتها .
وما تثيره تلك اللفته بالنسبة لاي مواطن سوري يعرف ما حصل في بلاده من جرائم يخجل منها الضمير الانساني في كل المدن والقرى السوريه ، وخاصة في تدمر وحماه ، وصيدنايا وعدرا ، أول ما يتبادر الى ذهن أي سوري كيف يتم إحترام إنسانية البشر وقيمتهم العليا كروح إنسانية تم إزهاقها بغير حق في حالة المواطنه المصريه مروه ، وكيف تعاملت الحكومه هناك مع ذلك الاعتداء ، وكيف يتم تخليد تلك الواقعه ، بينما لا يعرف أهالي الضحايا السوريين أين ومتى قتل أبناؤهم وأين هي قبورهم .
تلك الاستهانة بقيمة الانسان هي أكبر ما يميز الحالة السوريه عن غيرها ، وهذا الاحتقار لحقوق البشر وآدميتهم في معتقلات البعث المنتشره في كل الاماكن تحت الارض ، حيث القسوه والمعامله المهينه للسجين وزجّه بين المجرمين وأصحاب السوابق دون أدنى قيمه لمكانته في مجتمعه ، وللفكر الذي يحمله .
ومن يتابع ما يكتبه المفرج عنهم في آخر دفعه من معتقلي إعلان دمشق يعرف هذا المعنى الذي يقصد فيه النظام السوري قتل روح المعارضه والتمرد على الوضع القائم ، وإفهام الاخرين الذين يقابلون السجين بعد خروجه أن مصيرا مرعبا ينتظر كل من يسلك سبيل هؤلاء ، مصيرا يقول : أن تكون معارض للنظام يعنى أن تتحول الى مجرم في نظر الدوله والمجتمع الخائف من الدوله ، وأن تفقد كل ما لك من مميزات وموقع بين الناس وان تهان شخصيتك وتلبسك كل التهم الباطله .
نعود لموضوع النصب التذكاري وقيمته المعنويه حيث يعني إقرار المجتمع والدوله في المانيا بأن ما اقدم عليه ذلك المجرم العنصري من تصرف ، إنما هو مدان وغير مقبول أبدا في ذلك المجتمع ، بينما ما زال الاف مؤلفه من المواطنين السوريين مختفون تحت الارض ولا يعرف أهلهم مصيرهم أبدا بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على إختفائهم على يد أجهزة الامن السوريه .
هذا الاستهتار بقيمة البشر في دولة البعث النصيريه في سوريه يعني أول ما يعنيه السقوط الاخلاقي والقيمي الذي وصلت اليه تلك الدوله من خلال إعتمادها على البطش والقتل والقهر ، غير مبالية بأي نوع من أنواع المساءله أو التدقيق في تصرفاتها ، وكأن هذا الشعب المهان مستباح لهم ، ودمه محلل بلا رقيب أو حسيب طالما أنهم جزء من مخطط مرسوم في المنطقه لحماية اليهود في إسرائيل ، لذلك فان تفويضا عاما ممنوحا لهم للتصرف بحرية في سفك دم الشعب وزجّ مثقفيه في السجون والمنافي .
قبل عام فقط قتلت مروه الشربيني ، وكذلك قبل عام أو يزيد قتل العشرات من السجناء في سجن صيدنايا ، ولم يعرف أحد بهم لحد الان ، كم هو عددهم ؟ كيف تم قتلهم ؟ أين هي قبورهم ؟ هل تم إبلاغ أهاليهم ؟ هل تدخل أحد من العالم عربه وعجمه ، مسلميه وغير مسلميه ، هل تدخل أحد للسؤال عنهم ؟ أم أنهم حشرات لا قيمة لهم ولا وزن لدمائهم ؟
الان في سجون دمشق تقبع فتيات شابات في مقتبل العمر ، كان يفترض أنهن على مقاعد العلم والدراسه أو في كنف أهلهن ، ولكن النظام المجرم ساقهن الى السجن بسبب قصيدة شعر كتبتها إحداهن على موقع الكتروني ، أو بسبب إتهام كاذب بأن إحداهن تطبق المذهب السلفي ، هل سأل احد في العالم كله عن تلك الحاله ؟ ام ان الانسان في سوريه ملك يمين او عبيد لاؤلئك الاوباش الاوغاد في أجهزة الامن ولا وزن لحياته وحريته ، لانه مجرد آله في مزرعة البعثيين يتصرفون بها كما يشاؤون؟
الشاب المصري الذي قتل مؤخرا في أحد أجهزة الامن المصريه ، أوجب حراكا عاما وإستدعاءا متكررا للمسؤولين في الشرطه ،وإعادة تحليل الجثه ، حتى لو كانت النزاهة مفقوده في تلك الاجراءات ولكن مجرد السماح للناس والناشطين يمتابعة أمره يعتبر تفوقا كبيرا وتطورا مهما عن الحالة السوريه حيث لا يستطيع أحد السؤال عن الضحيه .
الشاب السوري الذي قتل قبل أيام في قسم الشرطه في دمشق ، هل يجرؤ أحد بالسؤال عن السبب الحقيقي لوفاته ؟
هذه صورة فقط من الصور التى يتبين فيها مدى الاستهانه بحياة الانسان في سوريه بينما تقيم المجتمعات البشريه الاخرى أكبر القيمه والاجلال لحياة الانسان وحريته وكرامته وسعادته ، مما يفتقده الانسان في سوريه منذ أكثر من أربعين عاما .
علي الاحمد
Saturday, 3 July 2010
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment