دمشق اليوم تحن الى ماضيها المشرق
اثار عرض المسلسل السوري باب الحاره خلال شهر رمضان المبارك ، اثار الشجون والحنين الى ايام زمان التى تختلف جذريا وكليا عن الواقع الحالي المليئ بالكابه والتعاسه والبؤس من جراء سياسات النظام الحالي في سوريه الذي كبت وخنق كل الوهج والتالق الذي كانت الشام تستحق وبجداره ان تكون حاضنته ومربيته ، ليحولها الى مدينة حزينه بلا تاثير ولا حضور ، تختنق كل يوم وتبكي في صمت ماضيها المجيد قبل شروق شمس البعث التى احرقت كل شيئ .
عمل ناجح يصور بدقه كيف كانت الشام : نخوه وشهامه وكرم وتعاون وقيم اجتماعيه عليا وتكافل بين الغني والفقير وامداد للثوار بالمال والسلاح ، ويقول للناس تعالوا وانظروا اين اصبحنا بعد اكثر من نصف قرن كان على دمشق ان تحمل فيها مقود الرياده والقياده لمحيطها العربي والاسلامي وان تكوم منارة للعلم والحضارة والتحرر ، ولكنها ولاشد الاسف صارت اشبه ما تكون بسجن (القلعه) ، ولكنه اكبر بكثير من السجن المعروف ، سجن تسكنه اللصوص والمافيات ، ويحكمه قانون الفوضى والرشوه والفساد والمحسوبيات ، يمكن ملاحظتها في كل مرافق الحياة من شرطي المرور الى رجل الامن صاحب السيطرة المطلقه على دقائق الحياة ، ذلك الرجل الذي يجيد اكثر ما يجيد فن اذلال الانسان السوري وامتهان كرامته .
كان من المتوقع لدمشق ان تحتل مكانة لا تقل في مقاييس اليوم الماديه عن دبي او سنغافوره او كوالالامبور، لانها في ستينات القرن الماضي كانت تملك من مقومات النهوض البشريه والماليه والخيرات التى تؤهلها لكي تكون اقوى دولة في المنطقه قبل ظهور النفط كعامل قوه وازدهار ، وكانت تملك كل شيء من اجل ذلك ما عدا القياده التي توجه وترشد وتربط بين مفاصل ومكونات الدوله لتجعلها تتناغم وتتساوق لانتاج نموذج نوعي في المنطقه ، ولكن وصول البعثيين للسلطه متابطين قوانين التاميم والاشتراكيه ، دمر كل شيء ودفع رؤوس الاموال للهجرة الى لبنان والاردن وامريكا الجنوبيه ليحرم سوريه من فرصة نادره كان يمكن لها ان تغير وجهها الى مائة سنة قادمه ، ولكن التغيير كان سلبيا مائة بالمائه .
لقد وفر ذلك المسلسل للناس امكانية المقارنه بين ما كانوا عليه –اجتماعيا واقتصاديا على الاقل – وبين ما صاروا عليه اليوم . امكانية ان يعرف المواطن اليوم كم هو مهان وذليل امام السلطه الحاكمة ، بينما كانت السلطه خادمه ومطيعه له ولا تتجرؤ على ازعاجه او انتهاك حقوقه طالما انه لم يرتكب اي خطأ ، وكم استوحشت تلك السلطه وتغولت عليه وعلى حقوقه وادميته .
انها فرصة امام السوريين للتفكير مليا بحالهم وبمستقبل اجيالهم وهل يقبلون ان يضيع من ايديهم نصف قرن اخر ؟؟؟؟؟
مع التحيه علي الاحمد
No comments:
Post a Comment