Sunday 21 November 2010

مذكرات أيمن الشوربجي ..ومرحلة جديده من الصراع
دخلت مذكرات الشهيد أيمن الشوربجي مرحلة جديده ومهمه جدا في توصيفه لما حصل في مدينة دمشق في خريف عام 1980 بعد دخول أعداد كبيره من المجاهدين إليها وإستئجارهم أو شرائهم لعدد كبير من البيوت السكنيه بغية تحويلها الى قواعد للعمل المسلح ضد الحكم النصيري الغاشم ، وبهذا يكون الاخ الشهيد قد وضع يده على نقطه مهمه جدا وحساسه من مراحل العمل التى إتصفت بالدمويه والمواجهه الشرسه مع النظام ،وإتصفت أيضا بضعف او عدم التنسيق والتشاور مع أعضاء تنظيم الطليعه الموجودين أصلا على الارض والذين يعرفون دقائق وخفايا الحياة في دمشق .
وهنا لا بد من الاشاره الى تمتع هؤلاء القادمين الجدد الى دمشق من أبناء المحافظات الاخرى ، الاشاره الى تمتعهم بإمكانيات ماليه ولوجستيه لم تكن متوفره لغيرهم من أبناء تنظيم الطليعه الاصليين العاملين على الارض والذين يحسبون كل حركه لهم بميزان أشد دقة من ميزان الذهب لانهم يواجهون نظاما أمنيا مخابراتيا لا مثيل له من حيث البطش والقهر وتسخير كل إمكانيات البلد لحماية نفسه من الشعب ، وكذلك الاشاره الى طلب قيادة الاخوان في الخارج أن يقدّم أعضاء الطليعه في سوريه البيعة ويقبلون الانضواء تحت لواء الاخوان الاكبر والاعمّ ، ولكن تردد الطليعه في قبول ذلك كان بسبب وجود إنقسام بين طرفي حلب ودمشق من تنظيم الاخوان ، وكانت الحجه بأن لديهم اعضاء من كلا الطرفين فهم لا يقبلون بالانضواء تحت لواء الاخوان الا بعد أن تتم الوحده التامه بين شقي التنظيم الحلبي والدمشقي .
ومن خلال ما كتبه الاخ أيمن ، يتوضح لنا جانب من جوانب تلك المرحله المهمه من المواجهه ونتلمس شيئا من حقيقة ما حصل وما كان له الاثر في إحباط العمل لاسقاط النظام الذي كان يترنح تحت ضربات المجاهدين الذين حصلوا على تعاطف ودعم كبير من مختلف طبقات المجتمع .
هذا الاندفاع الكبير نحو دمشق بإعتبارها العاصمه ، وما يحصل فيها يكون له أثر أكبر مما يحصل في غيرها من المدن ، إندفاع غير محسوب بشكل جيد وتنقصه الخبره والدقه لان العاملين اصلا على الارض والذين ايديهم على النار كما يقال هم اكثر من يعرف خطورة التحرك الكبير غير المنظم وغير المدروس ، ولان هؤلاء العاملين على الارض ليسوا خاضعين تنظيميا لقيادة الاخوان في الخارج- الطليعه - فلا يجوز ان تتعاون معهم تلك القياده ولا ان تستفيد من خبراتهم او تاخذ بمشورتهم ، لانها اكبر بكثير من ان تقبل بمشورة اصحاب الخبره والكفاءة ان لم يكونوا تحت سيطرتها وإمرتها ، وليس مشكله لتلك القياده أن يزجّ بكل تلك الاعداد من الشباب المؤمنبن المخلصين ، ليس مشكله أن يزجّ بهم في أتون حرب غير محسوبة جيدا مع نظام دموي لا قيمة عنده لدماء الناس ، طالما ان هؤلاء الشباب مطيعين مخلصين يقدمون الولاء لتلك القياده التى ترفض قبول خبرات وحنكة المجاهدين من الطليعه فقط لانه غير مبايعين لها على الطاعه ، بمعنى أن كون الشخص له بيعه وولاء أهم بكثير من كونه خبير ومخلص وذكي وقادر على مواجهة النظام باقل الخسائر .
إنه درس كبير هذا الذي نتعلمه اليوم من مذكرات الشهيد ايمن الشوربجي ، درس تقول خلاصته أن إدعاء قيادات الاخوان بأنهم لم يكونوا يوما ما جزءا أساسيا من المعركه ، هذا الادعاء غير صحيح لانهم كانوا في مرحلة ما جزءا فاعلا وأساسيا مما حصل في سوريه من مواجهات ، وهذا ليس عيب ولا عار لان مواجهة نظام بمواصفات نظام حافظ وبشار الاسد ليس عيب ولا عار ، بل العيب والعار التنصل من مسؤولية المواجهه والقائها على أشخاص إما شهداء أو معتقلين . أن مشكلة قيادة الاخوان تلك التى تحدث عنها الشهيد ايمن هي انها كانت تقدم مصلحة التنظيم على مصلحة الوطن او الدين او مستقبل الاجيال ، فاذا كان شخصا ما مثل ايمن الشوربجي او عدنان عقله او حتى مروان حديد لا يخضع لقيادتهم وسيطرتهم فهم ليسوا على استعدادا للعمل معه او التعاون معه مهما كان مخلصا او امينا او ذا خبرة عاليه ، لان الاهم لديهم هو عقلية السيطره والهيمنه التى تقوم على قاعدة : اذا كنت لست معي فانت لست مخلص ولا حتى مؤمن ، وليس على قاعدة التعاون على البر والتقوى ورفض الاثم والطغيان ، وهذا ما رأيناه من نفس تلك القياده بعد اكثر من عشرين عاما من تلك الاحداث عندما رفضت التعاون والتعامل مع حركة العداله والبناء التى أسست ونشأت في لندن عام 2005. وهذا ما نريد الا نراه من القياده الجديده التى نشأت قبل شهرين بزعامة السيد رياض الشقفه ، والتى كان اول خطأ ملموس لها هي محاولة التهرب من مسؤولية تلك الاحداث من خلال مقابلة المراقب العام الجديد على قناة العربيه . ان الحق والعدل يقول ان مواجهة الطليعه للنظام التى تلاها انجرار التنظيم كله الى تلك المواجهه كان تطورا طبيعيا جدا ، ورد فعل اقل من عادي على هيمنة عصابة اقليّة من النصيريين على سوريه كلها وتحويلها فيما بعد الى محميّة شيعيّة فارسية يعيث فيها الايرانيون فسادا وقهرا واذلالا لشعبها .
الدرس الثاني هو ان اسباب ومبررات تلك المواجهه كانت صحيحه وسليمه جدا ، لان ما نراه اليوم من طغيان النصيريين وسيطرتهم على كل مفاصل الحياة في سوريه وتحكمهم بكل صغيرة وكبيره من الاقتصاد الى الجيش والامن ، وتحالفهم المشؤوم مع الفرس والشيعه اللبنانيين مما جعل سوريه تنحرف الى مسار وخط لا يقبل به اكثرية الشعب السوري المسلم السني ، كل ما نراه اليوم بعد اكثر من ثلاثين عاما على بدء تلك المواجهات يدلنا على صحة وصواب القرار الذي اتخذه الشباب الذين ذهبوا للمواجهه المسلحه بعد استشهاد الشيخ مروان حديد رحمه الله ، واذا كانوا جميعا قد قضوا شهداء او انهم في الاسر ، فان هذا لا يعيبهم او ينتقص من قدرهم لان مواجهة نظام بحجم وبغي وبطش نظام حافظ اسد ليس من السهل ابدا او اليسير القضاء عليه من خلال حرب عصابات كما فعل الاخوه الشهداء رحمهم الله جميعا . ولكي نكون منصفين لهم ولتضحياتهم ولارواحهم التى بذلوها في سبيل الله ، فمن العيب ان تتنصل اي قيادة للاخوان السوريين مما حصل ، بل الصحيح ان تقول ان ما فعله الطليعه والاخوان انما كان الرد الطبيعي على استئثار العلويين النصيريين بمقاليد الامور من خلال حكم الجيش والمخابرات والدبابات التى سرقوها من جبهة القتال ليحاصروا فيها المدن والقرى السوريه التى انتفضت في وجوههم السود . ومن الحق والعدل ان نقول : قتلانا في الجنه وقتلاهم في النار ، وقتلانا هنا تعني كل من قتل واستشهد في سبيل الحق والعدل واعلاء كملة الله في سوريه سواء من الطليعه او الاخوان او الاكراد او اي مناضل حر وشريف يسعى لتغيير الواقع الذي فرضه حافظ الاسد بقوة الحديد والنار .
علي الاحمد

No comments: