Wednesday 10 November 2010

ملاحظات حول لقاء الامانه العامه لاعلان دمشق في بلجيكا
عقد في العاصمه البلجيكيه بروكسيل يوم السبت والاحد 6-7 2011 لقاء الامانه العامه لقوى إعلان دمشق للتغيير الديموقراطي ، وقد توافد عدد كبير من الناشطين من المعارضه السوريه من أوربه وأمريكا وكندا من مختلف أطياف المعارضه والمستقلين الممثلين لفروع الاعلان في تلك الدول ، وعدد من الضيوف المدعوين .
وقد كانت فرصة سانحة لي لحضور هذا التجمع المختلف عرقيا وأيديولوجيا وثقافيا ، والذي يجمعه شيء واحد فقط هو كون الجميع من أصول سوريه ، وكونهم جميعا معارضين للنظام الحاكم ويعملون على تغييره بالطرق السلميه ، وقد شهدت ربما للمره الاولى في حياتي طريقة تفكير الكردي وهمومه وإختلافها عن طريقة تفكير العربي ، وكذلك طريقة تناول بن الريف للامور بشكل يختلف عن إبن المدينه ، في جو من التنوع الغريب والمثير للدهشه .
وقد كان عقد اللقاء بحد ذاته تحديا كبيرا ، إذ كيف يمكن تصوّر جلوس كل تلك الاطراف المختتلفه المتنوعه من شيوعيين ويساريين وإسلاميين وأكراد وآشوريين أو سريان ، كيف يمكن تصوّر أن يضمهم محفل واحد وتحت سقف واحد ويعملون بإتجاه تحقيق هدف واحد هو معارضة هذا النظام ومواجهته وتغييره .
وبإستثناء ترديدهم جميعا للنشيد الوطني السوري ووقوفهم دقيقة صمت على أرواح الشهداء السوريين الذين قتلهم النظام من جميع المدن والقرى ومن مختلف الاطياف الفكريه ، فإن الاختلاف والتنوع كان السمه الاوضح أثناء مناقشة مختلف المواضيع مما حمّل القائمين على إدارة اللقاء جهدا غير عادي للوصول به الى آخر محطة وإختتامه اعماله بشكل مقبول ، دون السقوط في فخ الفشل الذي كان يخطط له البعض على ما يبدو .
وبصراحة تامه ووضوح شديد ، لا بد من القول أن إدارة وتسيير أمور لقاء بهذا الحجم وبهذه المواصفات لم يكن أبدا أمرا سهلا وميسورا ، خاصة إذا علمنا أنّ روح التعدديه والقبول بالاخر وإحترام رأيه وموقفه ، كل هذا ليس من الامور المتأصله والمتجذره في العقليه والتفكير السوري او الشرقي بشكل عام ، لذلك فقد واجهت إدارة اللقاء المتمثله في الهيئه المنتخبه لادارة المجلس ، وأعضاء الامانه المنتهيه ، واجهوا صعوبات جمّه في تأليف وتنظيم هذا الخليط غيرالمتجانس من الناس ، وفي إرضاء من يزعل وتطييب خاطر من لا تعجبه نتيجة التصويت، او تخالف ما كان يأمله من توقعات لصالحه او لصالح حزبه ، وربما كان هذا هو أكثر الامراض إيلاما في تلك التجربة الفتيّه من تاريخ العمل السوري خارج حدود الوطن المحكوم بالنظام الدكتاتوري .
لذلك فقد كان من الطبيعي أن ترى إنسحاب البعض القليل ، بشكل معدّ مسبق أو أنه جاء كرد فعل على بعض المجريات التى لم تكن تروق لهذا البعض الذي فضّل ترك القاعه والانسحاب على مبدأ : إما أنا أو الخراب والفوضى لكل هذا الجهد الكبير .
في البدايه تم إنتخاب هيئة رئاسة المجلس ، حيث حصل السيد عبد الرزاق عيد على أعلى أصوات المشاركين مما فجّر وضعا قاسيا لان بعض من يعارضون وصوله الى ذلك المنصب يبدو أنهم يسيرون وفق تعليمات صارمه لجهة ما ، تعليمات تقول أنه لا يجوز أبدا أن يكون السيد عيد رئيسا للمجلس بسبب طروحاته المتحرره جدا والتى تصف الوضع الحالي في سوريه بكل ما فيه من قسوة ومراره ، وتشرح الطبيعه الطائفيه المحضه للنظام بلا رتوش أو تقية سياسيه أو خوف من أجهزة الامن السوريه .
ولكنّ حرص السيد عيد على الوفاء للاصوات الغالبيه التى إختارته للموقع ، وحرص الافراد الذين إنتخبوه على قيمة أصواتهم وأنهم ليسوا مجرد أحجار يتمّ تحريكها عن بعد من خلال إتصال هاتفي من هذا الجانب او ذاك ، كلّ ذلك أدى الى تفويت الفرصه على المحاوله اليائسه لتخريب أعمال المؤتمر وإفشاله ، حيث مضى المؤتمر الى نهايته وإنتخب أعضاء مجلس الامانه الدائم بشكل صحيح وشفاف وبعد مشاروات وتنسيق بين مختلف الكتل لايصال ممثليها الى الامانه العامه .
وقد بدا واضحا وجليا ان هناك تباين في وجهات النظر بين إدراة الاعلان في الداخل ، وإدارته في الخارج ، والحقيقه أنه لامر صعب ومهمة شبه عسيره أن تخلق هذا التوافق والتواؤم بين فئتين وفريقين كل يعيش ظروفا محتلفه ويتعايش مع واقع مختلف ويحكمه سقف مختلف ، فالاعلان في سوريه محكوم بظروف النظام والمخابرات والمزايدات الكاذبه التى يفرضها النظام على الناس والتى يعتبر من يخالفها من العصاة الذين يستوجب سجنهم ، والاعلان في الخارج يعيش حياة البحبوحة والحريه والقدره على التعبير تحت سقف مرتفع جدا لا يحتمله أعضاء الداخل ، وهذا ما يفسر التناقض الواقع بين إرادة الداخل وما يمكن أن يقبله ، وبين تصرفات الخارج ومن يمكن أن يحققه .
الخطوة الحاسمة الاولى إنتهت بنجاح ، لا أقول نجاحا باهرا مفعما بالامل ، ولكنه أيضا ليس فشلا كان يتمناه الكثيرون سواء المتربصون من أزلام النظام وأعوانه ، أو الشامتون ممن يريدون لهذا العمل أن يتفسخ . التحدي الان هو في إمكان القيام بالمزيد من الجهود لتحقيق الحد الادنى المطلوب من التنسيق بين تلك الفئات المتنوعه للوصول الى ما يشبه النواة الاولى لعمل سوري حقيقي متناغم تغلب فيه المصلحة العامه للبلد على النظرة الحزبية الضيقة للافراد ، وهذا ما ستثبته الايام لنعرف مدى قدرتنا كسوريين نعيش في الخارج بلا خوف ولا سجون ولا فقر ، كيف يمكننا أن نخطو الخطوة الاولى في وجه ذلك النظام الاثم ، أم اننا سنقف مجددا عاجزين حتى عن خطو تلك الخطوه.
علي الاحمد

No comments: