Sunday 1 August 2010

قائد إخواني سوري آخر يترجل عن فرسه
رحل صبيحة هذا اليوم الفارس الإخواني السوري الأخ الكريم عدنان سعد الدين بعد حياة حافلة بالخير والعطاء والتضحية والصبر في ديار المهجر بعيدا عن وطنه ومرابع صباه في مدينة حماه متنقلا بين دولة الامارات العربيه وبغداد وعمان في الاردن حيث يوارى جثمانه الطاهر الثرى بعد ظهر هذا اليوم .
وقد خاض الأخ عدنان عددا من المعارك في آن واحد ، كان آخرها وأقساها معركته مع مرض السرطان الذي ألمّ به قبل عدة سنوات ، إضافة الى معركته الدائمة والمستمره مع نظام البغي والعدوان في سوريه ، إنتهاء بمعركته الثالثه مع إخوانه في التنظيم السوري والدولي على حد سواء حيث مثّلت حالته نموذجا للتعاطي الإخواني الداخلي مع أي شخص يعترض على تصرفاتهم او يخالفهم في التوجه ، بغض النظر عن موقعه او سابقته او كونه من كبار مؤسسي التنظيم السوري .
معركته مع النظام كانت طويلة صمد فيها ورسخت قدماه في كشف مخازي النظام وطبيعته الطائفيه حيث قاد الإخوان في الثمانينات رافضا الطرح المندفع بإتجاه التصالح مع النظلم بأي ثمن وبأي وسيله وكلّفه ذلك التصادم مع القادة الاخرين من أتباع االمرحوم الشيخ عبد الفتاح أبي غده ، وعلى رأسهم طبعا المراقب العام الحالي البيانوني الذي كان يمثل أكبر خصم له ، وبقي طوال سبعة عشر عاما يرفض أي مسعى لإعادته إلى صفوف الإخوان السوريين بعد أن نجح بدعم وتأييد التنظيم الدولي ، نجح بابعاده وفصله من التنظيم .
وقد سمعته أكثر من مره يردد بمرراه الطريقه اللأخلاقيه التى تعامل معه الإخوان بها إبّان خلافه معهم ، وكيف تم فصله بدون أي تبرير او لجوء الى تحكيم عادل او أي نوع من أنواع التعامل الاخوي المفترض مع أخ في مقامه وأسبقيته وما قدمه للإخوان السوريين من خدمات .
عرف عن الراحل الكبير المثابره والعمل وحضور الذاكره بشكل لافت ، فهو قلما ينسى أحد رآه يوما ما ، وقد لعب دورا رئيسيا في لملمة شمل الاخوان السوريين في السنوات الأخيره حيث عملت سياسات وتصرفات المراقب العام الحالي البيانوني على تفريق العديد منهم وعمّت موجة من السخط على تصرفاته غير المتوازنه .
وقد عمل على مدار الساعه خلال السنوات الماضيه في تأليف كتابه الذي عنونه – الاخوان المسلمون في سوريه – مذكرات وذكريات وقد طبعته دار عمار للنشر في عمان ، ويعد بحق فريدا من حيث تناوله لنشأة وتطوّر الاخوان السوريين خلال الخمسين عاما الماضيه شرح وفصل وبين بكل وضوح وتجرد المراحل التى مر بها هذا التنظيم الذي كان وما زال ركنا أساسيا من المشهد السياسي في سوريه .
من الصعب تخيّل الخساره التى حلت اليوم بالإخوان السوريين بفقد رجل من نوعية وحجم وتأثير الأخ أبي عامر ، فهو من الرعيل الأول الذي أسس ومكّن للإخوان السوريين ليأخذوا الدور الذي نعرفه عنهم اليوم ، بغض النظر عن الإساءه التى تعرض لها منهم ، حيث كان يصرّ على القول أن قلمه لن يكتب يوما كلمة واحده تفضح ما لاقاه من بعض قياداتهم من نكران وتجاهل وتصفية حسابات .
رحم الله الاخ أبي عامر رحمة واسعة وجعل مثواه الجنان مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .
لن تعدم الامة أن ترى أمثال أبي عامر وفاء وإخلاصا وصدقا وصمودا في وجه الباطل ، وصمتا على الجرح الذي إكتوى بناره من إخوانه .
إنّا لله وانا اليه راجعون .
علي الاحمد

No comments: