الخيط الفاصل بين لبنان وسوريه
خيط رقيق حساس يبدو على الخريطه ذلك الذي يفصل بين لبنان وسوريه حسب ما يبدو على الخريطه ، ولكنه في الواقع يفصل بين نهجين كاملين وبين ثقافتين كاملتين وبين كيانين يختلفان عن بعضهما في كل صغيرة وكبيره . لو قدر لاحد ان ينظر من خلال الافق في يوم 7-6-09 حيث تجري الانتخابات في لبنان ليرى تلك الحاله بكل ضجيجها وصخبها وما يلفها من صراخ وتغطيات اعلاميه لكل دقيقه ، وحيث النشاط والحيويه والصراحه وحرية التعبير وامتلاك كل طرف لادواته الاعلاميه وما يسمونه الماكينه الانتخابيه ، بينما على الطرف الاخر من الحدود داخل سوريه حيث ينتشر الرعب والخوف وتبدو بصمة الدولة الامنيه البوليسيه في كل مكان .
في سوريه لا مكان لشيء اسمه حريه او تعدديه او تنوع ، هناك شيء اسود مظلم كئيب اسمه الحزب القائد والقائد الصامد الممانع الضروره الرمز حامي سوريه الله يحميها ، صورته على كل جدار هو وابوه واخيه وقريبا ستكون صورة ابنه وابن اخته وابن خالته ، الكل يسبح بحمده مجبرا او غير مجبر المهم ان يسبح ولا يتوقف . اما في لبنان فهناك شيء اسود ايضا يتبع لنظام سوريه ، ولكن يوجد بجانبه ابيض واخضر واصفر وبرتقالي ، وكما يحق للاسود التابع لسوريه ان يتحدث ويمارس هواياته في الحرق والخنق والاعتصام لشهور عديده ، في نفس الوقت يمارس الباقون ما يريدونه وما يعتقدون به بكل حريه ويعبر كل عن برامجه علنا وتحت ضوء الشمس ، اما في سوريه فيمارس الكل عقيدة واحده وبرنامجا واحدا وحزبا شموليا واحدا والباقون اما في السجون او في المنافي .
في لبنان يوجد شيء اسمه سني وشيعي ودرزي ومسيحي كاثوليكي واخر بروتستانتي وثالث ارمني ، تعدد وتنوع وتعايش ، اما في سوريه فالكل ممنوع ومحجور الا واحد اسمه العلوي القرد الممسوخ الملعون في كل حاره وزاويه لانه يملك العصا ويحكم بالزنزانه ويكتم الانفاس تحت مسمى كاذب اسمه حزب البعث .
في سوريه صوت واحد ينعق من تلفزيون واحد لونه كالح وصورة مذيعيه ممقوتة ممجوجه وكروهه ، يصدر منه بيان كاذب يستخدم كلمات بشعة واحده تتكرر منذ اربعين عاما ، نفس الاشخاص يتكررون في الظهور من تلك الشاشه ونفس الاكاذيب يحكون عنها منذ اربعين عاما ، اكاذيب اسمها الوحده والحريه والاشتراكيه والصمود والتصدع وسوريا الاسد وقائدنا الى الابد ، اما في لبنا ن فهناك التنوع والتعدد في كل شيء : تلفزيونات متعدده صور متنوعه ومتجدده ، شفافية وصراحة وحرية تعبير ، وجوه تنعم بالامن لا يفرض عليها ما يجب ان تقوله وما هي الكبة التاليه المفروضة عليهم .
في سوريه لباس الجندي او رجل المخابرات باهت اللون وسياراتهم مهترئه ومكسره ، وعتادهم روسي قديم يثير الاشمئزاز والسخريه ، سياراتهم بطارياتهما فارغه يدفشها الجنود لان المرش متعطل في اغلبها ، يتكدس الجنود مثل الاغنام في شاحنات روسية من طراز كاز وعاظ وجمباز ، اما في لبنان لديهم عربات خفيفه نشيطه تسير بين السيارات بسلاسه ولا تعطل السير وتحتمرالاخرين وتعبر ان وظيفتها حماية المواطن وليس تخويفه او ارعابه .
في لبنان لوحات الدعايه مضاءه وواضحه ومفهومه وباللهجه العاميه احيانا ، اما في سوريه فهي لوحات معتمه مكفهره وسخه غير متناسقه لان اصحابها غير مقتنعين بما يكتبون عليها لانهم يعرفون انهم لن يطبقوه ، صورة الامام الشيعي في كل مكان من بيروت ، اما صورة الامام السني فهي ممنوعه ومحرمه ومن الكبائر في عاصمة الامويين المحتله من قبل ملالي ايران ، دمشق الساقطه تحت النعال الفارسي تئن ، بينما بيروت تفتح شوارعها وبيوتها للامام الشيعي المدعوم من سوريه على حساب الامام السني المقموع في دمشق الباكيه .
في سوريه ثقافة الخوف والرعب والنظام البوليسي ، في لبنان ثقافة التنوع والاحترام والتعايش بين الجميع .
في لبنان تجلب الطائرات الاف اللبنانيين للانتخاب على حساب احزابهم ، بينما في سوريه يحرم الاف من رؤية اهاليهم منذ اكثر من ربع قرن .
في لبنان تنفتح الاحزاب كلها على المحيط العربي وتتفاعل معه ، اما في سوريه فالكل منغلق على الكل والكل محروم من اي تفاعل مع الخارج ، والكل يحس انه في سجن كبير اسمه الوطن .
كل شيء في لبنان يختلف عن كل شيء في سوريه ، ذلك الخيط الرفيع المسمى الحدود يفصل بين عالمين مختلفين : عالم الحياة في لبنان وعالم البرزخ في سوريه ، عالم المخابرات في سوريه وعالم الحريات في لبنان ، عالم الانتخابات الحره في لبنان وعالم الانتخابات الصوريه في سوريه ، عالم بشار الاسد ورامي مخلوف وجمهورية الرعب لاصف شوكت ، وعالم التنوع في لبنان : الحريري وجنبلاط وعون ونصر ونبيه بري حيث لا يمنع احد من ان يكون له اسم وصوت وصوره وكلمه . ذلك الخيط الرهيب ليته يختفي يوما ما فتصبح سوريه مشابهه او مقاربه للبنان في النهج والحريه والتعدديه ، ليت ذلك الخيط يزول في ليله ويزول معه ذلك الكابوس الاسود المسمى البعث والقوميه والصمود والممانعه والدجل والكذب على الذقون ، ويسود محله قانون المحبه والاخوه والتعايش وامتلاك كل شخص لحقه في الحياة وحقه في الكرامه وحقه في التمثيل في السلطه وحقه في ان يكون بشرا لا يخاف على اولاده .
علي الاحمد
Sunday, 7 June 2009
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment