Thursday, 3 January 2008

ليس كل العلويين أزلاماً للنظام الأسدي

في زيارات العيد ، عيد الأضحى المبارك ، قابلت زميلاً بعثياً ، يسافر إلى سوريا ، وهو أكثر دراية بواقع الحال السوري مني ، فصرت أعرض مشروعاتي عليه ومنها أني قلت له :

حافظ الأســد ليـس علويـاً :

عندما انتخب حافظ الأسد رئيساً للجمهورية نشرت المخابرات إشـاعة مفادها أن حافظ الأسـد شـركسي وليس علوياً ، والبحث في هذا الموضوع يبين أن أسرته ليست من سكان القرداحة الأصليين ، بل جـاء جـده ( سليمان ) وافداً إلى القرداحـة ، وهذه حججـي :

1 ـ قبل ثلاثين سنة تماماً ، جمعتني ظروف العمل مع زميل من القرداحـة ، دكتور جامعي ، ثقافته غزيرة جداً ، ابن الشيخ عبد الرحمن الخيّر ، وكان يسكن جواري لمدة عام دراسي ، وكنت أسهر معه عدة مرات في الأسبوع الواحد ، نتبادل أطراف الحديث في القومية العربية والماركسية والإسلام . وقد أكد لي الدكتور الخيّر أن أسـرة حافظ الأسـد ليست من القرداحـة ، وإنما جاء سليمان ( جد حافظ ) إليها ، وسكن عند مدخل القريـة ، وأطلق عليهم بيت (الحسنة ) لأن أهل القرية يتصدقون عليهم لشدة فقرهم ؛ لأنه ليست لهم أرض يعملون فيها . واشتهر أولاده ( أعمام حافظ ) بالشراسـة والفتـوة .

2 ـ كتب (باترك سيل ) كتاباً ترجمة لحافظ الأسد ، وبالتأكيد حصل ( سيل ) عل مائة ألف دولار على الأقل مكافأة له على إنجاز هذا الكتاب الذي طبع عام (1992) في شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ، بيروت ، ووصل حجمه إلى (832) صفحة من القطع الكبير ، ومايزال أهم وأكبر مرجع عن حياة حافظ الأسـد .

يقول باترك سيل : ص (13) : ( هبط ذات يوم مصارع تركي يتحدى القادمين ويصرعهم ، ويسخر منهم ، وفجأة بـرز إليه من بين الصفوف رجل قوي البنيـة في الأربعينات وأمسك بـه من وسـطه ورفعه بقوة في الهـواء ثم طرحـه أرضاً ، فصاح القريون معجبين : ( ياله من وحش ! إنه وحش ) . كان اسم بطلهم هذا سليمان ([1]) ، ولكنه منذ ذلك الحين أصبح يعرف باسم (سليمان الوحش ) وظل لقبه العائلي (الوحش ) حتى العشرينات ([2]) . كان ذلك الرجل هو جـد حافظ الأسـد ... ) .

( كان سليمان ـ بشهادة الجميع ـ رجلاً ذا قوة وبسالة خارقتين ، وقد أكسبته هاتان الصفتان في القرية مكانة جعلته وأسرته في مصاف الأسـر القوية البارزة )([3]) .

والغريب عندي وعند كل باحث أن الزعماء العرب يهتمون بالانتساب إلى رسول الله r ، كما عند الملك حسين ملك الأردن ، والملك الحسن ملك المغرب ، أما الأسرة المالكة السعودية فتنتسب إلى قبيلة عنـزة العربية المشهورة ، أما أن يدفع حافظ الأسـد أكثر من مائة ألف دولار لتكتب لـه ترجمـة ، ثم يكتفى فيها بذكر اسـم جـد حافظ الأسـد ، حتى بدون لقب !!؟؟ فإنه أمر غريب جداً ، عصي على الفهم ، كما استعصى علينا فهم بلاغ سقوط القنيطرة !!!؟

وهذا إن كان عادياً ، يـدل بل يؤكد على أن سليمان ( جد حافظ ) وفـد إلى المنطقـة ، ربما من لواء اسكندرون ، أو من هجرات الشركس ، أو الأرمن ، أو .... !!!؟؟؟

ويتابع (سيل ) وورث علي سليمان ـ والد حافظ الأسـد ـ كثيراً من صفات أبيـه ، وقد ولد (1875م) وتزوج مرتين وأنجب مايزيد على أحد عشر من البنين والبنات ، وكان حافظ الابن الرابع من الزوجة الثانية (ناعسة ) ، وقبل ولادة حافظ تحول أبوه من فلاح بسيط إلى أحد الوجهاء وفي سنة (1927 ) جاءه زعماء الأسر الأربع الرئيسة في القرداحة وقالوا لـه : إنك لست وحشاً ، بل أنت أســد .

الطائفـة العلويـة لاتُحمّـل أوزار حافظ الأسـد :

ونظلم الطائفة العلوية عندما نحملها أوزار حافظ الأسد ؛ لأن أوزار الأسد تنـوء الجبال الراسيات بحملها ، وقد استخدم الأسد الطائفة العلوية ثم لفظهـا بعد أن حقق مآربه منها ، كما لفظ حزب البعث قبلها ، فطرد مؤسسيه ومات معظمهم خارج سوريا ولم يسمح لذويهم دفنهم في سوريا ( عفلق ، الحوراني ، البيطار ) ، ومازال بقية المؤسسين منفيين خارج سوريا ومنهم : سامي الجندي ( أو مات ) ، وشبلي العيسمي ، وكثيرون غيرهم ، وقد اعتقل الأسد القيادة القومية مرتين ، كانت الأولى في (1966) والثانية (1970) .

كما أن الأسد استخدم الطوائف الأخرى كالاسماعيليين والدروز ، ثم لفظهم وطردهم ونكل بهم ( حاطوم ، الشاعر ، شيا ، الجندي ، حيدر ....وغيرهم كثير ) .. ثم لفظ الطائفة العلوية التي صعد على جماجم أبنـائها ، وقدمت الطائفـة الفقيرة آلاف الشباب العلوي من أجل تثبيت حكمـه ودعمـه ، وبعد أن تمكن وتوطد حكمه لفظها ، وانقلب على اللواء صلاح جديد ، وهو أكثر إخلاصاً لوطنه ، ولطائفته العلوية ، وللطبقة الفقيرة عامة في سوريا ، أكثر إخلاصاً من حافظ الأسد ، وعندما نقول انقلب على صلاح جديد ، نعني أنه طرد معـه مئات الضباط من العلويين .

ثم انقلب على شقيقه كبير المجرمين رفعت أسد الذي كان ساعد حافظ الأيمن ، والذي قتل عشرات الألوف من المسلمين في حماة وحلب وادلب من أجل تثبيت حكم شقيقه حافظ الأسد ... انقلب على شقيقه ليورث ملكية سوريا لأبنائه ، وطرد مع شقيقه رفعت مئات الضباط العلويين أيضاً ...وإن كان رفعت أخذ كل مايوجد في البنك المركزي ، قبل خروجه من سوريا عام (1984) ، ولم يكفه فأكمل له القذافي ( !!!!؟؟؟؟) بمعرفة شقيقه حافظ ـ كمايقول طلاس في كتابه : ثلاثة شهور هزت سوريا ـ أما الضباط العلويون أنصار رفعت فقد أزيحوا عن أماكنهم الحساسة في الجيش ، وسجن بعضهم ، وسرح آخرون ...

وأخيراً طرد كل الضباط الكبار ( ومنهم العليات ) علي أصلان ، وعلي دوبا ، وعلي الصالح ، وعلي حيدر ... عندما استشعر أنهم غير راضين عن خلافة ولده بشار ..

مع أن هؤلاء (العليات ) كانوا ساعده الأيمن الذين ساعدوه ضـد كبير المجرمين رفعت ، كما أنهم حموه من رفعت عام (1984 ) عندما حاول الانقلاب عليه ، كما يتبين من كتاب مصطفى طلاس ( ثلاثة شهور هزت سوريا ) ...

ووصل إلى هدفـه وهو تملك سوريا وليس رئاستها فقط ، بل تملكها بالسجل العقاري وورثها لأولاده من بعده ... ...

كان زميلي البعثي يصغي بانتباه ، وكنت أتوجس أن يثور في وجهي كل فينة ، ولكنه قال واستغربت مماقاله : ـ هذا كلام جديد وجريء وثمين ويستحق الانتباه ...

لذلك شجعني زميلي البعثي على طرح بقية المشروع فقلت :

والطائفة العلوية مظلومة ، عندما نحملها أوزار حافظ الأسد ، لم يستفد من فتات موائده أكثر من نصف الطائفة ، وبقي نصفها الآخر محروماً فقيراً بائسـاً ...

عندئذ لم يستطع زميلي البعثي أن يصمت فقال :

لا ... يا أستاذ هذا الرقم غير دقيق ... أنت ربما بعيد عن سوريا ولاتعرف الواقع ، الذين استفادوا من حافظ الأسد من العلويين لايزيدون على (20 – 25 % ) فقط ، وهم أبناء أسرة الأسد ، وأخواله ، ومخلوف ، وأنسباؤه ، وأقاربه ، وباقي عشيرته ،وبعض أزلام الطائفة الذين استفادوا من حكمـه بشكل خيالي ... وهؤلاء لايتعدون (25 % ) من الطائفة العلوية ، في حين بقي (75 % ) من الطائفة يعيش في الفقر ، أو تحت خط الفقر مثل نصف الشعب السوري كما يقول نائب رئيس الجمهورية السيد عبد الحليم خدام ...

وتابع قائلاً : منذ أشهر زرت قرية من قرى العلويين ، شرق طرطوس ، تبعد عن الطريق العام كيلومترا أو اثنين على الأكثر ... هذه القرية قد يصل سكانها ثلاثة آلاف نسمة ، يشربون ماء العين ( نبع طبيعي ) ، كما كان أجدادهم يفعلون ، تأتي النساء ، ومعها الحمير ، وقد حمل عليها برميلان ، فتملأهما بماء العين يدوياً ، ثم تعود بالحمار إلى البيت .

والطريق الذي يصل القرية بالطريق العام والذي لايزيد عن (1 ـ2 ) كلم لايزال بدون رصف أو سفلتة ، كما أن شوارع القرية كذلك غير ممهدة أو مسفلتة ...

قلت لـه : ربما الموقع وعـر جداً ، ويصعب تمهيد الطريق ، وشوارع القرية !!؟

أجاب زميلي البعثي :

لا ... أبداً ... العقيد صبرة خازم صبرة ، من أزلام الأسد ، وهو قائد فرع المخابرات العسكرية في البادية ( تدمر وما حولها ) ، حوّل معظم الاسمنت المخصص للبادية لمصلحته الشخصية ، وبنى قصراً في الجبل ، في مكان أكثر وعورة من هذه القرية ، وبناه منعزلاً ، وحده بعيداً عن الآخرين ، بعد أن شـق له طريق الاسفلت قبل أن يسكن فيه ، ومهد المنطقة المجاورة له ليزرعها بأشجار الفاكهة والأزهار ...

ثم أردف زميلي البعثي يقول :

القرداحة وماحولها تطورت ألف مرة ، بالمقارنة مع بقية الجبل ، وفي القرداحة وماحولها قصور تفوق القصور في دمشق وضواحيها . والطرق تصل للقرداحة من كل الجهات ، تمشي وسط الجبال والصخور ، تلمع وتتلوى في الوديان كالثعبان ، وبني فيها مطار خاص لاستقبال طائرة الأسد الخاصة ....و ... و ....

و( رامـي مخلـوف ) بن محمد مخلوف ( خال ) بشار الأسـد ، أعطي امتياز شركة الاتصالات للخليوي ، وحرمت الخزينة السورية (700) مليون دولار لأجل عيون ( ابن الخال ) ، ويصل دخل الشركة حالياً إلى (2) مليون دولار يومياً ....

أما تركـة جميل الأسـد ، شقيق حافظ الأسد ، وهو رجل بسيط ، فقد وصلت ( 4 ) مليار دولار ، كما كشف ذلك خلافات ولده ( منذر ) مع آخر زوجات والده ...

أما النهب الذي وفـره حافظ الأسد لأخيه رفعت ، كي يثبت حكمه ، فقد بلغ حـد الخيال الذي يكاد العقل أن لايصدقه :

بعض أملاك رفعت أسـد عام (1994م) :

1ـ كازينـو ضخـم في إيطاليـا .

2ـ فنـدق خمسـة نجـوم في مرسـيليا .

3 ـ مصــنع إسـمنت في بيـروت .

4 ـ دار نشـر في باريـز .

5 ـ امبراطورية إعلاميـة في لندن ، منها قناة ( a.n.n) ، وغيرها محطات راديـو متعددة .

6 ـ اســهم في شـركة نفـق بحر المانـش بين فرنسـا وبريطانيا ، وهو من أوائل أغنياء العالم المساهمين في هذه الشركة .

7 ـ عـقارات سـكنية في سـويسرا وفرنـسا .

8 ـ مجمع سـكني في إسـبانيا كلف بناؤه ( 60 ) مليون دولار .

9ـ كان يملك ميناء خاصاً في اللاذقيـة قبل أن دمـره بشار الأسد في عهد أبيه حافظ.

10 ـ طائرة خاصة أو أكثر من طائرة ، تنقله مع أفراد حاشيته في قارات العالم .

11ـ وصلت فاتورة إقامته الشهرية مع حاشيته (100 ـ 150 ) شخصاً ؛ وصلت إلى خمسة مليار فرنك فرنسي ، دفعتها الخزينة السورية عدة سنوات .

12 ـ خسـر رفعت أسـد في ليلة واحدة على موائد القمار ( 8) مليون دولار . في الوقت الذي وصل فيه التضخم في سوريا إلى مائة في المائة ، وعجز المواطن الشريف عن تأمين خبز أولاده وطعامهم .

هذا رفعت أحد أفراد عائلة الأسـد الذين وفـر لهم حافظ النهب والسلب ، حتى صاروا من أغنياء العالم ، بينما أكثريـة الطائفة العلوية تعيش تحت خـط الفقـر كما هي حال نصف الشعب السوري ، أي عشرة ملايين سوري ، كما يقول عبد الحليم خدام ( نائب الرئيس السوري ) ...

والمعارضة السورية اليوم ، تنتظر وقوف كل الشـرفاء العلويين معها ضد نظام الأسـد المستبد الذي نهب وسلب خيرات سوريا لصالح أسرته وعشيرته ، بعد أن صعد إلى تملك سوريا على جماجم الطائفة العلوية ..

وإنـا لمنتـظرون ...

الدكتور خالد الاحمد باحث في التربية السياسية



[1] ـ انتبهوا إنه سليمان فقط ، سليمان بن مَن !!!؟؟ لا أحد منا يعرف ، مع العلم أن العرب يعتـزون بأنسابهم . ويفخرون بأجدادهم !!!

[2] ـ وما هو لقبـه الأصلي !!!!!؟؟؟ لماذا لـم يبـح بـه (باترك سيل ) ّ!!!!؟؟

[3] ـ إذن لم يكن من الأسر القوية البارزة !!!! ، لولا هاتان الصفتان ، القوة والبسالة .

No comments: