ابطال غزه
ان ما شهده العالم في الايام الماضيه من كسر الحصار الظالم المفروض من بني قينقاع على غزه البطله الباسله ، انه الصوره الحقيقه الخاليه من اي رتوش او تصنع لما يمكن ان يقوم به اي شعب حر منفلت من قيود الدكتاتوريه والحكم الفردي التى تحيط به من كل جانب من الدول المحيطه .
انها انتفاضة الابطال الرافضين للذل والرافضين للاخضاع والتركيع من خلال البطون ، انها ثورة الشعب المقتنع تماما بما اقدم عليه حين انتخب حماس لتقوده في النضال حتى التحرير والنصر ، والذي دفع ويدفع وسيدفع الضريبه كامله لاختياره الحر الاصيل ، انهم ابناء غزه يعطوننا جميعا الدروس في الصبر والثبات والمصابره بالرغم من كل القتل والجوع والخوف المحيط بهم ليقولوا لنا : انظروا ماذا يمكن للحر ان يفعل ، انظروا الينا نحن الحفاة الجياع والمحاصرون ، نقف شامخين ونتحدى اقوى قوة في الارض ثم ننتصر عليها ، انظروا الينا وتعلموا كيف يتصرف الاحرار وكيف يختارون مصيرهم ومستقبلهم .
تماما كما كسر جداربرلين عام 1989 ليؤرخ لحقبة عالميه جديه ، نحن هنا في غرز نؤرخ بدمائنا حقبة جديده تبدأ من هدم جدار رفح الذي ظل يفصل بيننا وبين امتنا ، بيننا وبين عمقنا الاسلامي ، بيننا وبين شريان الحياة عند جيراننا في العريش وفي مصر ، ومنهم الى سائر الدول العربيه والاسلاميه ، نحن نكسر جدار الفصل والقهر والذل لنفتح العروق كي تجري الدماء فيها بعد ان اراد لها المجرمون اليهود ان تتقطع ، انهم يثارون لحصونهم التى هدمت في المدينه بعد اكثر من الف واربعمائة عام مستغلين ضعف ووهن وتفرق ابناء علي وعبيده وعمرو بن العاص الذين عصفت بهم الخلافات مما جعل حثالة الارض تتحكم في مصائرهم .
ان ما انجزه ابطال غزه في انتفاضة الحرب على الحصار والظلام والقهر ، تلك الانتفاضه التى حطمت الحد المصطنع كما هي كل الحدود التى تفصل بين الامة العربيه والاسلاميه ليتدفق سيل هادر من الابطال الغزاويين الى مدينة العريش للتسوق ولوصل صلة الارحام مع اقاربهم واخوتهم المصريين ، تماما كما يتمنى جميع العرب والمسلمين في زوال الحدود التى تقسم اوصال امتهم الى كيانات متناقضة متصارعة تفتك فيها انظمة القمع والفساد كما كان ملوك الطوائف في الاندلس قبل زوال ملكهم عن اسبانيه .
ان الشعب المتحرر من القمع والخوف وسلطان المخابرات يمكن ان يحقق المستحيلات ، هل كان يمكن لاهل غزه ان يحطموا ذلك الحد الزائف لو كان عباس هو من يحكمهم ؟ هل كان بامكانهم ذلك لو كان سيف دحلان وجلاديه فوق رؤوسهم ؟ بالتاكيد لا ولكنهم اليوم ياكلون من نفس رغيف الخبز التى ياكل منها رئيسهم ، ويحسون بنفس الخوف الذي يحس به قائدهم تحت قصف بني قينقاع ، ويدفنون في نفس اليوم شهيدهم وشهيد بن قائدهم بنفس الكفن الدامي ولا اسمنت لسقف القبر ، انهم جميعا في مركب واحد ، مركب المقاومة والجهاد والثبات الذي يحير الجميع واول من يحير هو عدوهم .
كم يمكن لامتنا كلها ان تحقق لو كانت حرة مثل اهل غزه ؟ وهل كان يمكن ان تقهرها امة بين الامم لو كانت بلا حدود ولا مخابرات ولا سجون ولا سلطان لدحلان وعباس والرجوب ؟ كم كانت ستكون امتنا مختلفه لو كانت تحمل عزة وعنفوان اهل غزه الجياع ، ولكنهم الاحرار ؟
كلهم كانوا يراهنون على ضعفهم وتخاذلهم ونبذهم لحماس ، ولكن الجميع خاب فالهم ، فلم ينفع ذلك الحصار القاسي والظالم في تغيير نواياهم او تغيير خياراتهم ، وظلوا اوفياء لتلك الخيارات لانهم ببساطه يعرفون جيدا من هم الاناس الذين اختاروهم ليكونوا قاده ، واليوم يعيد الدجالون حسابتهم لان كل ما رسموه لم يجد نفعا في اثارة اهل غزه ضد هنيه والزهار والرنتيسي واحمد ياسين وما خلفه من ارث جهادي قل نظيره في عالم اليوم وكل ذلك تحت الاحتلال والحصار وقصف الطائرات .
الدجالون اليوم مفلسون ، ما عساهم ان يفعلوا لشعب يدفع كل صباح ثمن استقلاله وحريته من دماء ابنائه ؟ ما عساهم ان يفعلوا مع شباب يرون في الموت اقرب طريق للخلود والفوز؟ ما عساهم ان يفعلوا بعد كل ما جربوه ولكنه فشل امام اصرار وعناد اولئك الابطال ؟
انها صرخة الحياة انطلقت من جدار رفح المهدوم بسواعد الابطال الغزاويين الذين رفضوا الظلم والهوان وانتصروا برغم كل ما حيك ضدهم من دسائس ومؤامرات ، وفتحوا فتحة كبيره لا يمكن اغلاقها بعد اليوم في جدار الصمت والتامر الذي ظل يحيط بهم ولا خوف عليهم بعد اليوم ، لا خوف عليهم لانهم نجحوا في الاختبار ، وعبروا بوابة الصمود والتضحيه واثبتوا ان امتنا لا تموت ، نعم انها تضعف ولكنها لا تلبث ان تنتتفض وتقف وتكسر كل الحدود ، وما جدار رفح الا اولها ، انه عهد الاسلام الحق القوي القادم رغم كل الحواجر المصطنعه الفولاذيه او الاسمنتيه او حواجز الكراهية والخوف التى زرعها اعداؤنا لتفصل بين اعضاء هذه الامه التى لا تموت ابدا حتى يرث الله الارض ومن عليها ، تحية لابطال غزه .
علي الاحمد