سوريه وعيد الجلاء
يحل عيد الجلاء كل عام على سوريه وهي ترزح تحت وطأة نظام قمعي احالها الى ما يعرف بجمهورية الخوف والصمت والفقر ، وهنا يحق لنا ان نطرح السؤال التالي وبالحاح : ايهما اسوأ المستبد الداخلي اوالمحتل الخارجي ؟
فاذا كان المحتل الخارجي يستنزف الوطن المحتل ويصادر خيراته فان المستبد الداخلي يحول الوطن الى مجرد بقرة حلوب يسرق الحاكم المستبد خيراتها ليودعه في حسابات سرية خاصه خارج الوطن ، ويحرم الفقراء والبسطاء من تلك الخيرات ومثال ذلك ما يفعله بشار والمقربين منه من ابناء مخلوف من نهب منظم لموارد سوريه ومقدراتها وتسخيرها لحماية نظام حكمه .
المحتل الخارجي ياتي بجيوشه ومقاتليه ليخضع الوطن المحتل ، بينما يعمد المستبد الداخلي لتسخير قدرات الوطن ورجاله وجيشه من اجل حماية افراده ومؤسساته القمعيه بدلا من ان تكون مهمة الجيش حماية الوطن من اي خطر خارجي ، ويعتبر المستبد ان اكبر الاخطار تاتيه من الداخل وليس من الخارج لانه مستعد للتنازل الى ابعد الحدود مع العدو الخارجي بينما يكون اقسى وابشع ما يكون مع ابناء الوطن . لذلك فان المستبد الداخلي يقاوم اي جهد معارض له مهما كان بسيطا او سلميا ، وهو مستعد لان يتعامل مع معارضيه بشكل يفوق ابشع الاشكال التى يمارسها المحتل الخارجي مع من يقاومه .
عندما ياتي المحتل الخارجي فان الشعب كله يهب لمقاومته ويتوحد الجميع لطرده ، بينما يعمد المستبد الداخلي الى استمالة قسم صغير من ابناء الشعب لصالحه ويغريهم بالمنافع مقابل ان يقفوا معه في وجه الاغلبية الساحقه من الشعب ، ويزرع الحقد والكراهية بين ابناء الشعب ليتمكن من اليسطرة عليهم وقهرهم . وتكون اداته الوحيده هي عشرات الاجهزه الامنيه التى تراقب كل حركة وسكنة للناس وتحاسبهم حتى على احلامهم ، وتفرض طوقا من الخوف والريبه بين الناس بحيث يشك كل واحد في جاره اوصديقه ان عميل لذلك الجهاز الامني او ذاك . ويعمل ايضا على قهر واذلال الاقليات التى تعيش في الوطن فيمارس عليها ظلما مضاعف ويمنعها من ممارسة حرياتها الخاصه بها مثل تعليم الثقافه الخاصه بها لابنائها ، ويبطش باي جهد او محاولة لهم لنيل حقوقهم في وطنهم مثل بقية ابناء الوطن .
في اسرائيل مثلا ، يعتقل الجيش الاسرائيلي المقاومين الفلسطينيين ، وفي السجن يوفر لهم امكانية توكيل محامي ، وينظم لهم زيارات منظمه لاهاليهم وعائلاتهم ، ويوفر لهم قدرا معقولا من الراحه ، بينما يقوم المستبد الداخلي بمنع اهالي المعتقلين من زيارتهم لسنين طويله جدا وفي كثير من الحالات يغادرون السجن جثثا هامده انهكها المرض والتعذيب ، وهناك الاف مؤلفه من المفقودين في سوريه الذين لا يعرف اهاليهم مصيرهم بعد مرور اكثر من ربع قرن على اختفائهم .
المستبد الداخلي يفرض قيودا على سفر المعارضين له خوفا من ان ينضموا لمعارضيه المنفيين في الخارج وما اكثرهم ، بينما يفرض على الشعب اسوأ انواع القمع والتنكيل ويسوق اعدادا كبيرة كل شهر الى محاكم عسكريه يتوفر فيها كل شيء الا العدل والحق والنزاهه .
انني لا ادعو هنا المحتل الخارجي للتفضل بالقدوم الينا ولكن اريد ان ابين كيف انزلق المستبد الداخلي في سوريه الى درجة من السوء فاق اضغاف ما يمكن ان يسببه الاحتلال الخارجي من اضرار على سوريه ، حيث تحولت سوريه الى مرتع خصب للعصابات والمافيات وزاد عدد العاطلين ، واجبر الملايين على الهجره للخارج لكسب الرزق ، وتم تهجير مئات الاف ليقضوا كل اعمارهم بعيدا عن اهليهم ، كل ذلك فقط لينام المستبد قرير العين وليكن بعد ذلك ما يكون .
والاكثر سوءا ان ذلك المستبد عندما يتقدم به العمر ويقترب من حفرة النار في قبره فانه يهيء احد ابنائه ليخلفه في قهر واذلال الشعب ، اي انه لا يكتفي بما يفعله خلال 40 عاما من القهر بل ينقل الورثة الحقيرة لابنائه ليكملوا ما فعله ابوهم .
المستبد الداخلي في سوريه يسيء الى دول الجوار ويصدر مافياته اليها لتعيث فسادا وتخريبا ويعمل على تقوية فئة ضد اخرى في لبنان مثلا ، ويقف وراء عمليات القتل والتصفيات ، اي انه لا يكفيه ما حققه من خسائر في وطنه بل انه يعمل على نقل الفساد والتخريب الى الجوار ليعم بلاؤه على الجميع .
هل من فرف اذا بين المستبد والمحتل ؟ حسب رايي البسيط لا فرق ابدا بينهما .
علي الاحمد