الانتخابات الموريتانيه والفرنسيه......وتلك السوريه
قبل اسابيع قليله انتهت الانتخابات الرئاسيه في موريتانيه وتابعها العالم باجمعه بمتهى الحريه والشفافيه والاحترام الكامل لحقوق الانسان ، وتمخض عنها رئيس جديد باسلوب حر ويمقراطي ونزيه . وربما كانت تلك الانتخابات الاكثر حرية ونزاهه بعد الانتخابات الفلسطينيه العام الماضي والانتخابات اللبنانيه ايضا . اما الانتخابات العراقيه فلا يمكن التصديق او التسليم بكونها حره ونزيهه لانها حصلت في اشد الظروف حلكة في تاريخ العراق الحديث حيث الاحتلال والمقاومه والقتل الجماعي والعنف الذي ليس له حدود.
اليوم الاحد 22/.4 بدات الانتخابات الفرنسيه لاختيار خلف للرئيس شيراك ، وهناك اثني عشر متنافسا طرحوا برامجهم التى تراوحت من اقصى اليمين الى اقصى اليسار الى التطرف العنصري المعادي للمهاجرين ، ولكن الجميع يتلفح بالعلم الفرنسي ويدعي انه اكثر من سيحقق احلام الفرنسيين وما علينا الا الانتظار ساعات قليله لنعرف من سيمر للجوله الثانيه .
اليوم الاحد ايضا –لحسن الحظ او لسوئه – تنطلق- ما يسميه النظام السوري -(انتخابات) مجلس الشعب الذي يمثل كل شيء الا الشعب المغيب الاكبر عن اي ممارسة حقيقيه في التشريع او المحاسبه والمراقبه حيث يحتفظ البعثيون لنفسهم باغلبية ابديه لهم على مقاليد المجلس ومن ورائه الحكم والخيرات ومقدرات سوريه كلها البشريه والطبيعيه .
نعم يوجد في سوريا دعايه انتخابيه وخيم ( وولائم ) لشراء الاصوات ، ولكن من يسمح لهم بالترشح ونسبتهم وامكانية فوزهم كل ذلك مرتبط بقرار حزبي وليس بارادة الناخب المسكين المطحون بين مطرقة الفقر والعوز وبين سندان الفساد والهدر والمحسوبيه والرشوه وشراء الذمم .
نعم يوجد في سوريه اعلام وصحف وتلفزيون ولكنه موجه ومسخر لخدمة النظام القمعي المتحكم بكل صغيرة وكبيره في حياة المواطن الذي لا يملك حولا ولا قوه لتغيير واقعه المرير. وفي سوريه قضاء ولكنه مجير ويباع ويشترى بالمال واخر ما يفكر به هو الحق والعدل وايصال الحقوق للناس . وفي سوريه علماء دين وفقهاء ولكنهم ممنوعون من ممارسة واجبهم في تبيين الحق والخير للناس ، ومضيق عليهم ، لانهم ان فعلوا ذلك فان السجن هو مصيرهم ، اما المتزلفين والمنافقين منهم وعلماء السلطان فلا يثق بهم احد .
نعم في سوريه خيرات ونعم كبيره وغنى فاحش لكبار الضباط والمتنفذين ورجال الامن والوزراء السابقين والحاليين ، ولكن هناك ايضا فقر شديد وفاقه تضرب فئات كبيره من المجتمع السوري وخاصة صغار الموظفين وصغار الكسبه ، والعاطلين عن العمل الذين تزداد نسبتهم يوما بعد يوم .
ولكن الحقيقه ان اكثر ما يتوفر في سوريه هو الخوف والقمع والسجون ورجال المخابرات الذين يراقبون كل صغيرة وكبيره للناس ويترصدون اي كلمة حره او راي متنور يدعو الى تغيير الواقع الحالي الذي اورث المجتمع السوري ما يشبه العقم عن توليد جيل جديد يرفض الخنوع ويتمرد على الخوف والقهر وسوط الجلادين .
متوفر في سوريه كل شيء الا الحريه والكرامه واحترام ادمية الانسان وحقه في ان يخالف ويعبر عن رايه بلا خوف من السجن، وبامكان اي كان ان يكون سارقا او دجالا او مشعوذا او تاجر مخدرات ولن يكون حسابه قاسيا او شديدا ، وسيجد حتما من يساعده لتجاوز اي عقوبه خاصة ان كان من دوي القدره الماليه ، ولكن من الصعب جدا ان تكون فقي سوريه موطنا حرا نظيفا عفيفا تقول رايك بحريه وعلانيه ولا تخاف من سطوة الجلاد .
من السهل جدا ان تكون منافقا اوماسح جوخ اوعميلا لاحد اجهزة الامن تزودهم بكل حركة او سكنه لجيرانك وما يتفوه به اي واحد منهم في ساعة غضب وما اكثرها في سوريه ، ولكن من الصعب جدا ان تكون معارضا للنظام حيث يتطلب منك ذلك ان تهيأ نفسك لسنين وسنين من السجن تعيش فيه عائلتك الخوف كل يوم والفقر والجوع والحرمان .
من السهل ان تبيع ضميرك لتكسب الاموال الطائله ولكن من الصعب جدا ان تتمسك بالشرف والمروءه ومكارم الاخلاق ، انه مجتمع البعث العظيم الذي حقق لسوريه كل تلك الانجازات الرائعه خلال اكثر من اربع عقود ظلاميه تحولت فيها سوريه من دولة رائده بعد الاستقلال في كل المجالات حتى يقال ان رئيس وزراء ماليزيا عندما زر سوريه في اواخر الخمسينات ، قال: انه يرغب ان يجعل من ماليزيا دولة تشبه سوريه ، فاين هي اليوم ماليزيا المتطوره الاسلاميه من سوريا البعثيه ؟ شتان ......