تعليق على السيد عبد الباري عطوان
كتب السيد المحترم عبد الباري عطوان في جريدته مقالا افتتاحيا يوم امس 13/09 حول الغاره الاسرائيليه على سوريه ، وحلل وشرح ووضح رايه حول ملابساتها وظروفها ودوافعها ومكانها في السياق العام لتسلسل الاحداث في هذه المنطقه المتوتره من العالم .
ومن باب حرية الراي والتعدد والمشاركه الذي تعودنا عليه في القدس العربي ، ابنة السيد عطوان اسمح لنفسي بالتعليق على بعض ما جاء في مقال السيد عطوان .
ولا شك بداية ان السيد عطوان يحتل مكانه راقيه في اعين الملاييين من العرب والمسلمين لمواقفه المتميزه بكشف مواقف الحكام العرب المخزيه ، ولكن من الواضح انه مثل الاف الاخوه الفلسطينيين يضع املا في غير محله على النظام السوري الذي اذل شعبه واذاقه الويلات ، يتطلع الكثير من اخواننا الفلسطينيين هؤلاء خطا لخير او نصر ياتيهم من ذلك النظام الفاشي . وهنا بعض الفقرات من مقاله .
اولا قوله : (ا لقيادة السورية تملك اوراق قوة عديدة، ابرزها قوة جبهتها الداخلية، ) لو قالها غيرك يا سيد عطوان لكانت مفهومة او مقبوله ، اما منك انت فلا . والا فاسمح لي واخبرني عن تلك القوه في الجبهه الداخليه ؟ هل هي مثلا في وجود مؤسسات مجتمع مدني قويه وفعاله ومؤثره ونقابات تعمل وتنشط واحزاب تشارك في صنع حاضر ومستقبل البلد ؟ وبرلمان يحاسب الحكومه ويفصل المقصرين والفاسدين من وزرائها ؟ ام ان ما تقصده هو ان قوة الجبهه الداخليه من قوة اجهزة المخابرات والاف المخبرين الذين يحصون انفاس الناس ؟ لو كان ذلك كذلك لكانت اجهزة صدام قد تمكنت من حماية نظامه وقت الحاجه . هل تعلم يا سيد عطوان كم عدد العائلات التى فقدت احد ابنائها في سجون بشار الاسد وابيه ؟ هل تعلم مدى الفقر والعوز الذي يضرب الاف العائلات السوريه بينما تتنعم ثله قليله من اللصوص بخيرات سوريه ؟ هل تعلم مدى الفسا د المستشري والمحمي من قبل اكبر رموز النظام ؟ هل تعلم كم سوري يقبل ان يبقى في سوريه لو فتحت السفارات العربيه والاجنبيه ابوابها لهم ؟ لو قالها غيرك يا سيد عطوان لربما كان معذورا اما منك فلا وانت العالم بخفايا الظلم والقهر والجور في سوريه الحزينه الصامته .
ثانيا قوله :( وعدم وجود معارضة داخلية قوية، رغم حدوث تجاوزات عديدة علي صعيد انتهاكات حقوق الانسان.) (لان الشعب السوري لا يريد تغييرا امريكيا علي الطريقة العراقية، )هل ترى ان عدم وجود معارضه قويه هو شيء بسيط او طبيعي ؟ ثم من هو الذي يحتمل ان يكون معارضا في سوريه وهو يعرف ما ينتظره من اهوال ومصائب لمجرد تفكير ان يكون معارضا ، ان عدم وجود معارضه قويه ليس لان السوريين راضين عن ذلك النظام ولكن لان تبعات تلك المعارضه كبيره جدا ومحفوفه باكبر التضحيات التى لا يتحملها الا من يعينه الله تعالى على ذلك . ثم موضوع التجاوزات على حقوق الانسان فهل يجوز يا سيد عطوان ان تعطيها في مقالك المطول فقط خمس او ست كلمات ليس الا ، هل يجوز ذلك منك يا سيد عطوان ؟ ثم من هو الذي يعرف بالضبط ماذا يريد الشعب السوري وما لا يريد ؟ هل هناك مؤسسات لقياس الراي العام في سوريه ؟ هل هناك حرية تعبير لنرى ما يقوله الكتاب واصحاب الراي ؟ هل هناك اعلام حر في سوريه ينقل نبض الناس ام انه اعلام خشبي سافل اخر ما يهمه هو ما يريد السوريين .
ان موضوع الصواريخ والقوه التى يملكها النظام ومدى قدرته على المواجهه يجب الا نعطيها اكبر من حجمها الحقيقي ، خاصة بعدما رايناه من تهاوي دفاعات الجيش العراقي امام الضربات الجويه الهائله للسلاح الامريكي الذي استخدم في الحروب المتلاحقه على العراق ، وهل يتوقع السيد عطوان ان يكون جيش بشار المشهور بجيش (طبق البيض ) وجيش( ابو شحاطه) ، هل يتوقع ان يكون اكثر صمودا وقدرة على المواجهه ؟
وبالنسبه لحزب الله ، ه يتوقع السيد عطوان ان يكون اكثر تسامحا ومحبة للاخرين من جيش المهدي في العراق او الميليشيات التى تذبح الناس كل يوم في شوارع بغداد ؟ هل يتوقع السيد عطوان ان يكون هؤلاء ارحم وارفق ممن هدم مدينة حماه في سوريه على رؤوس اهلها لانهم ببساطه لم يقبلوا الظلم والذل والهوان ؟ او من قتل الف سجين في سجن تدمر خلال نصف ساعه في سابقة لم يفعلها اكبر عتاة اليهود مع الفلسطينيين طوال تاريخ الصراع بينهم ، ايهما ارفق باهل السنه يا سيد عطوان اليهود ام الشيعه عندما يتمكنوا منهم ؟ هل تعلم يا سيد عطوان ان اليهود يتعاملون الفلسطينيين في سجونهم برفق وعطف اكثر بكثير مما بقعله جلادي بشار الاسد بمعارضيهم في سوريه ؟ لماذا نغمض اعيننا عن تلك الحقائق الكبيره الفاقعه على الارض ونتطلع الى امال ثبت انها لا تعدو ان تكون سراب ؟ لماذا نكذب على انفسنا ثم نريد من الاخرين ان يصدقوا تلك الكذبه ؟
اذا رايت يا سيد عطوان مجرمين اثنين متسلحين باشد الاسلحه ويستعدان للبطش ببعضهما البعض ، هل يغضبك يا سيد عطوان ان يتخاصم لصان قاتلان مجرمان ؟ لماذا تخشى على القتله واللصوص ان يتخاصمو ا؟ اتركهم يا سيد عطوان ليصفي واحد منهم الاخر ثم بعد ذلك ياتي دور الشعب المسكين المقهمور الحزين . انه موقف صعب ان يتخاصم اللصوص فوق الارض الطاهره ولكن هل لديك اي حل اخر سيدي الكريم ؟ .
علي الاحمد -لندن
No comments:
Post a Comment